???? زائر
| موضوع: غروب الشمس الثلاثاء مايو 31, 2011 9:13 pm | |
| غروب الشمس
- لديك خيار بأكل ما نعطيك أو الموت جوعا ، لأن لا احد سيرحمك هنا .
تنكمش الصغيرة في زاوية من زوايا احدى غرف السفينة و تومئ برفضها الطعام و تمردها على الحياة .
لم تمح من ذاكرتها لحظة أخذها من عائلتها والدها يبكي و يتوسل تركها ، واعدا الرجل بإعادة الدين إليه . لم تفقه ما حدث ، ترى أمها منهارة : - إنها غضة طرية العود ، لن تفيدكم فتاة في السادسة من العمر في شيء ... اتركوني و خذوني مكانها ... صغيرتي .
تذكرت جيدا قول والدها : كوني صلبة الشخصية ، قوية الإرادة ، كافحي من اجل الحياة بنيتي وسأكافح لإعادتك ، أعدك
أنى لطفلة أن تفهم معنى الكفاح ؟
- أتريدين جولة على سطح المركب ؟
انتبهت من شريط حكايتها التراجيدية على صوت احد ملاحي السفينة الذي أشفق على حالها بعدما رأى خوف البراءة في عينيها ممزوجا بتحد طفولي غامض .
- هيا ستحظين على الأقل بالقليل من المرح ، في النهاية أنت طفلة لم تتخطي مرحلة اللعب بالدمى ، هاي يا صاح هي لك ، اعتقد انك أخيرا ستجد من سيستمع لثرثرتك عن سفينتك . - تعالي أيتها الخنفساء ، اجلسي هنا ، أتحبين السفن ؟ كم عمرك ؟ هل صعدت يوما على سطح مركب ؟ ما اسمك ؟ ما بك ؟ هل أكل القط لسانك ؟ - كيف أكل القط لسانها و أنت لم تأخذ نفسا واحدا أثناء أسئلتك ، لم تترك لها حتى مجالا للنطق بكلمة ... - كلا هي من كانت تفكر شاردة في أمر ما ، أنا متأكد من ذلك ، ماذا ؟ هل نسيتي إطعام عروستك ؟ - هل لي أن اطرح عليك سؤالا سيدي ؟ - ها هاااااااي نطق الحجر ، ماذا يا حشرة المستنقع ؟ - ما هذه المعلقة هناك ؟ - يبدو فعلا أنها أول مرة تركبين فيها السفن ، هي عوامة إنقاذ أيتها الدودة الساذجة .. - هل لي برؤيتها سيدي ؟ فهي تبدو فعلا مدهشة - براءة أطفال أغبياء ... إليكيها ، هي اكبر منك ، ستسقطيـ ....
لم يفق إلا على صوت المياه ، و هي ترمي بنفسها فيها ، لم يستوعب كيف و متى استطاعت الركض بتلك السرعة و القفز ، انتبه الجميع لها ، و رغم حنق السيد ، علق احدهم قائلا : - هي دون فائدة على كل حال ، دع الأسماك تستفد منها إذن .
اختارت الموت و هي تصارع الأمواج بكرامة ، لا حياة الذل جارية لسيد متعجرف سبحت بكل قواها التي سرعان ما خانتها ، فاستسلمت للموج و التعب كليهما . أخيرا فتحت عينيها بصعوبة قاتلة نهضت لتجد نفسها في جزيرة صغيرة الظاهر إنها مهجورة
وحدها محاطة إلا بالمياه
- يا الله امن سجن إلى آخر ، بصوت ملائكي قالت .
استسلمت "يمامة" لما كتب لها أخيرا و قررت البقاء ، أو بالأحرى لم تكن لتجد خيارا آخر .
حل ليل من ليالي الشتاء الموحشة، ليل ليس ككل الليالي، فقد حل صمت رهيب على الجزيرة و لم يعد يسمع إلا صوت قارع ناقوس الموت " البومة". يمامة، و منذ 11 سنة عاشتها في هذه الجزيرة اكتشفت أخيرا أنها تعيش مع مخلوقات إنسية. فناقوس الموت قرع لسيدة عاشت و ابنها تحت الأرض. هذه السيدة كانت تدرك وجود يمامة على الجزيرة ، و لكنها كتمت الحقيقة خشية أن تكون هذه المخلوقة الإنسية بابا لأسرار لم تكون تريد أن يعرفها ولدها "مجد" . و رفضها لأن تدفن الحقيقة معها هو ما جعل هذين المخلوقين ، اللذان هما بنفس العمر، يلتقيان.
- أي كتمان هذا الذي جعلها تخفي عني حقيقتي ؟ ألأنها فقط أحست بالقهر ؟ ألأن مشاعر الانتقام تغلغلت في صدرها ؟ ألأنها كانت تخشى أن اتركها فحاولت الحفاظ علي ؟
كان اللقاء صعبا ، مريبا ، مليئا بمشاعر الحيرة و التردد لكليهما ، يمامة كانت هزيلة شاحبة اللون ذميمة الخلق كله مما اعتادته من التقوت بالحشائش و النوم في العراء . و لكن مجدا لاحظ بدقة أنها كانت ذات عينين بديعتي الجمال تسكنهما لؤلؤتين سوداوتين. مرت ثلاثة أيام على موت أمه ، ليقرر مجد بيأس قاتل البحث عن والده، بعد أن اخبر يمامة بقصته و كيف أن أمه هربت من بطش أخيها إلى الجزيرة و هي حامل به ، بعد أن تزوجت من أحبت سرا ، و لكن الشيء الذي كان فعلا يشغل بال مجد هو كيف أن والده لم يقف بجانب أمه لما كانت في أمس الحاجة إليه ...
ترك يمامة وحيدة كما اعتادت البقاء غير أن هذه المرة كانت أصعب إليها بعد أن عرفت معنى أن يكون بجانبك شخص ما ، غير انه وعدها بالعودة لأخذها ... انطلق مجد و قلب يمامة انطلق معه...
أشهر مرت على رحيله ، دب اليأس في قلب يمامة ، حتى عصر ذلك الصيف، بينما هي تنتظره بترقب كعادتها أمام النافذة ، إذ به يظهر بين الحشائش، صائحا بفرح أنه عاد ليفي بوعده ، خفق قلبها بسرعة، و لم تدر و هي تركض خارجة من المنزل لاستقباله ، و لكنه تجمد مكانه، و انعقد لسانه، بعد أن وجد فتاة غير التي تركها ، بيضاء البشرة كجوهرة جليدية نحتت بأرق الأنام، وردية الخدين، كأنما توجتهما حورية البحر بوردتين ملكيتين نادرتي الوجود، ، شفتان رسمتا بريشة رسام الطاووس، رسام استمد ألوانه من دم العنقاء، يزين رأسها تاج صنع من حرير كستنائي أهده لها اله السماء، أنوثة فاقت الأنوثة نفسها، كانت هكذا تبدو أرق من هندباء ربيعية لكن من يعرف شخصيتها يدرك أنها اصلب من جبل جليدي . - أي تغيير هذا الذي طرأ عليها ؟ - ماذا حدث لك يا مجد؟ هل ازعجتك ؟ أ لم ترد العودة ؟ ألم تعد ترغب بأن أسافر معك ؟ أفاق من غيبوبة براعة جمالها ، و قال مستدركا : - أبدا لم أغير رأيي ، جهزي نفسك ، سنسافر غدا صباحا ، و في طريقنا سأخبرك بكل شيء، أنا الآن متعب و احتاج لبعض الراحة، إلى الغد ، تصبحين على خير.
و لم يزد على هذه الكلمات بحرف . ذهلت يمامة ، و لم تنبس ببنت شفة ، من المستحيل أن يكون هذا مجدها الذي تعرفه . ّهبت لتعد ما تحتاجه للسفر ثم خلدت إلى النوم، منتظرة سفرها بفارغ الصبر، لكن لم يهنأ لمجد نوم ، فقد ظل يفكر طول الليل ... باكرا استيقظا، جهزا نفسيهما ، دون أن ينبس أحدهما بلفظة واحدة، كان كل منهما ينتظر الآخر ليبادر ، و في النهاية حسمت الأمر يمامة، بعد أن لم تستطع إخفاء دهشتها بالسفينة: - رباه ، من أين حصلت عليها ؟ ابتسم مجد أخيرا لأنها من بدأت الكلام ، و أجابها بكثير من الحنان و الأمل و الفرح الغامر : - أعجبتك ؟ إنها رائعة اجل ، و لكن خلفها قصة أخرى ، يمامة قد اهتديت إلى والدي أو بالأحرى أين كان يقطن ، لكني لم أره و لن أره يوما ، قد توفي منذ أشهر، ما سوف يدهشك سماعه هو انه كان يعرف أن له ابنا ، أنا ، و قد انتظره طويلا ، و لما حانت ساعته أوصى بأنه إن أتى ابنه و الذي سيقول انه عاش في جزيرة مهجورة ، فأعطوه كل ما املكه .... قال شيئا من هذا القبيل ، في الحقيقة ما زلت لم استوعب بعد . المهم كان تاجرا يملك مراكب كثيرة ، و قد قررت أنا الآخر سلوك نفس الطريق ... ماذا عنك ؟ اخبريني ما فعلتي في غيابي ؟ - في الحقيقة الملل كان كالعادة ، اعتقد أني تعلمت بعض الأشياء في منزل والدتك تحت الأرض ، أعمال المنزل اقصد ، عدا هذا لا شيء ... - جيد ... سأجد من سيعتني بي إذا ... - أيها الجشع ألا تفكر إلا بنفسك
ضحكا من أعماق قلبيهما و تمنيا ألا تنتهي هذه اللحظة . لكن يمامة توقفت فجأة إنها لم تنس أمرا مهما ن طوال هذه الفترة كانت تفكر في طريقة تمكنها من العثور على والديها ، باحت لمجد بما يجول بخاطرها ، فجأة بدت عليه علامات الحزن : - يمامة أنا لم انس الأمر ، لقد أرسلت من يتحرى عن عائلتك حسب المعلومات التي اعطيتنيها و ...
لكن يمامة توقفت فجأة إنها لم تنس أمرا مهما ن طوال هذه الفترة كانت تفكر في طريقة تمكنها من العثور على والديها ، باحت لمجد بما يجول بخاطرها ، فجأة بدت عليه علامات الحزن : - يمامة أنا لم انس الأمر ، لقد أرسلت من يتحرى عن عائلتك حسب المعلومات التي اعطيتنيها و ... - أوه أشكرك مجد، لست ادري كيف سأرد لك هذا الصنيع يوما، لا أظن أني كنت سأجد أحدا بمثل طيبتك ليفعل ما فعلته معي.. - يمامة لا تعتبري هذا خدمة أبدا بل هو واجبي.. يمامة أصغ إلي .. - ترى متى سيعود من أرسلتهم ؟ - يمامة قلت أصغ إلي ، اعلم انك قوية النفس فتحملي ما سأقوله. -تكلم أرجوك .. - لقد عاد من أرسلته يبحث عن والديك ... - هل وجدهما ؟ - ... في ... في الحقيقة ... (يتنهد) لقد توفي والدك منذ مدة طويلة من مرض قاسى منه ، أما والدتك ، فقد عانت الأمرين بعد أن آخذوك من بين أحضانها ، اضطراباتها النفسية قادتها إلى الجنون ، و وجدت ميتة في احد الشوارع يوما ... - رباه ، أية أخبار هذه ؟ ... - تماسكي يمامة ، امسحي دموعك ، أولست معك ، أم انك تخليت عني الآن ؟
ضحكت يمامة ، و ارتمت في حضن مجد شاكرة الرب على وهبه هذا النور لها في غياهب هذه الدنيا .إن هذا الشعور لم يدم طويلا، لقد اشترى لها مجد منزلا ، و أقام هو في آخر ، و كان يأتي يوما يطمئن على حالها ، يدردشان معا في المواضيع الحياتية ، و اتفق ذات يوم أن جلس يحادثها كعادته، فأخبرها أنه أعجب بفتاة هي الأخرى أحبته ، و يريدها زوجة له، ارتبكت يمامة بعض الشيء ، و شحب لونها ، و لكنها تماسكت ، بل وافقته بعد أن وصفها لها ، قائلا أنهما سيعيشان معها ، و بالتالي لن تصبح وحيدة ... تصنعت الابتسام ، ودعته عند عتبة الباب و هي تلوح له ، و بمجرد خروجه، هوت على الأريكة خائرة القوى ، أي صدمة هذه ؟ مر 15 يوما على هذا الخبر ليتجسد على أرض الواقع... غريمتها في حبها تعيش معها الآن ... و الأسوأ أنها زوجة من تحب... كانت "ميراندا" – زوجة مجد- جد متخلقة ، جميلة جدا، يهيم مج بحبها –حسب ما بدا ليمامة- . أخيرا بدأت غيرة النساء القاتلة تتسرب إلى قلبها ، شعرت بالمنافسة ، و شعرت أن مجدا بدأ يهملها ، و لم يعد يهتم بها كما كان ، و المسكين يحاول ارضاءها بكل الطرق ، .... كرهت ميراندا رغم أن هذه الأخيرة تعاملها بكل طيبة . إن الكثير من الرجال ذوي المكانة و الرفعة تقدموا لخطبة يمامة، فقد كانت ذات جمال خلاب ، غير أنها رفضتهم جميعا، مجد لم يفهم مجد سبب هذا الرفض و لم يحاول حتى مناقشتها فيه ، كان يترك لها الحرية التامة ، يكفيه أنها أصبحت تغضب منه لأتفه الأسباب ، ميرا ندا حاولت محادثتها بطيب نية ، غير أن يمامة كان تسيء الظن بها دائما ، بل و تحاول دائما إبعادها عن مجد . لكن نفسها لم تخل من تأنيب الضمير ، فهل تقابل الإحسان بالإساءة ؟ عدا أنها تتجاهل وصية مجد لها بزوجته الضعيفة المعدمة الحيلة ... مع كل هذه التناقضات .... أصيبت أحد الأيام بحمى شديدة ... مجد غير موجود، و لكن ميراندا قامت بواجبها كامرأة أصيلة على أكمل وجه ، فسهرت معها الليل بطوله في محاولة منها لتخفيض حرارتها و جعلها تقاوم المرض ، كانت يمامة تهذي بالكثير ، كلاما نصفه لم يكن مفهوما و هذيان يمامة ، لم يكن إلا في سبيل حب مجد تماما كما ينبض قلبها له و شاءت الأقدار ... أن تسمع ميراندا و تعي و تفهم كل هذا ... أكملت ميراندا ما بدأته ... تمريض"خطر تهديم زيجتها" ضاربة مشاعرها عرض الحائط و واضعة قلبها تحت قدميها ... أصبحت يمامة بأفضل حال ، إنها حتى تلك اللحظة كانت تعلم أنها تخطئ دائما في حق ميراندا و لكنها الآن تود الاعتذار منها حقا .. دخلت ميراندا غرفة يمامة ، حاملة فطور الصباح : - شكرا ميراندا على صنيعك هذا معي ، تأكدي أني لن أنساه ما حييت، أنا اعتذر عن كل تصرفاتي معك و سوء ظني الدائم - أنت الآن بأفضل حال ... لقد أحضرت لك فطورك .. - أعلم أنك فعلا تعبتي معي .. آسفة ... ميراندا أريد أن نتشارك الفطور - ... - ميراندا أجيبي ، لم صمتي ؟ - .. البارحة .. البارحة .. كنت ... تهذين بما يوحي بحبك لمجد ، لما لم تخبريه ؟ لما لم تحاولي نيل حبه قبل أن يتزوجني ؟ لما ؟ لما لم تعارضي زواجنا ؟ لما و لما و لما ؟ اغرورقت عيناهما بالدموع ... - بالله عليك ميراندا ، مجد أحبك أنت ، هي غلطتي أنا ، ماذا افعل مع هذا القلب الذي آبى أن يخفق إلا له ؟ - ... اعتقد ... أن عليك تناول فطورك ، لتستعيدي صحتك ، قبل مجيء مجد ، الليلة سيكون هنا ... - ميراندا لا تحاولي قتلي بطيبتك .. قولي شيئا ، اصرخي في وجهي .. اصفعيني .. أي شيء .. أي شيء - اسمعيني يمامة ، منذ تزوجنا و مجد اعتبرتك أختا لي ، و ستظلين كذلك بالنسبة لي ، و ستكونين خالة لابني ... لذا لا نريد إفساد كل هذا ,, - أحامل أنت ؟ - أجل عرفت هذا الصباح ، سأخبر مجدا عندما يأتي و أريدك أن تكوني معي ,, دائما ,, القرار بيدك ,, - أوه ، أنا لا استحق كل هذا العطف .. مر اليوم بكامله، دون أن تتحادثا في الموضوع أو حتى في موضوع آخر . عاد مجد ، و كاد يطيرا حبورا عندما سمع بخبر الولد القادم ..رغم انه لاحظ بعض الحزن على وجه ميراندا. سبعة أشهر مرت .. و حان وقت الولادة ، وضعت ميراندا فتاة كالبدر ، سمتها "آية" باقتراح من يمامة ، فطيلة هذه الأشهر لم يكن همهما سوى اختيار اسم للمولود سواء كانت بنتا أو ولدا ، و فعلا كانت الطفلة آية في الجمال، و لكن الفرحة لم تدم .. ميراندا أدركت أن اجلها قد حان بعد الوضع .. يمامة كانت مشغولة بالرضيعة .. نادتها ميراندا بصوت ضعيف يكاد يكون نفسا لا يسمع : - يمامة ، تعالي إلي .. اسمعني جيدا .. ابنتي في رعايتك .. إني أوصيك بها .. يمامة أنا أضع كامل ثقتي فيك .. فلن تكون هناك أخرى تحب ابنتي كما أحببتها أنا في هذه اللحظات القليلة و كما ستحبينها أنت ، اعلم هذا يقينا .. إني اشعر انه لم يبق لي الكثير .. فاعتني بها رجاء .. هي في عهدتك .. ستكونين لها خير أم ، بدل أم لن تعرفها .. - لا تقولي هذا ميراندا .. ستتعافين ... و ... وسترين ابنتك تترعرع في حضنك ... و .. و .. خنقتها العبرات ... - لا تبكي يمامة ، كوني قوية ، كما عرفتك دائما ، و لكن عديني فقط .. عديني .. - أعدك ميراندا ، بأغلى ما عندي أعدك .. - اطمأن قلبي الآن ، هلا دعوت مجدا ، يجب أن أودعه بغلائه على قلبي .. أومأت يمامة لميراندا بأنها ستفعل ، فقد منعها البكاء من الكلام. دخل مجد و رأى حال زوجته، التي تدمى لها العيون ، لم يستطع تمالك نفسه ، حتى أخذت العبرات تنحدر من خده، و لكن ميراندا قالت بحزمها المعهود : - لا تحزن يا مجد ، قد كنت لي خير زوج ، أنا راحلة إلى الأبد ، و لكني اضمن انك ستجد من تحبك .. أكثر مني ربما ... اعتني بيمامة، يتمناها ألف رجل لنفسه ، أحبها كما أحبتك .. من أجلي مجد لم يستطع الكف عن البكاء - .. - حدثني مجد ، حدثني كما اعتدت محادثتي بكل ما في نفسك ، أحب أن تكون آخر لحظاتي حديثا معك .. فلا تبكي و حدثني ..
يمسح دموعه ، و يتصنع حالته العادية : - أ أخبرتك ميراندا أني أحببت يوما ؟ - لا ؟ - أحببتك أنت و اخترتك شريكة حياتي ، و أما لابنتي ، و أحببت يمامة .. - حقا ... أكمل .. - .. أحببتها بقدر ما أحبتني ربما ، أو أكثر ، أحببتها و لم أجرؤ على مصارحتها .. - لما ؟ - خشيت رفضها أو ظنها أن زواجها بي هو المقابل الذي ستدفعه مقابل ما فعلته لأجلها .. - كلاكما طيب ، و كلاكما حاول الحفاظ على الآخر و ضحى بحبه .. - أتعتقدين أنه جبن أم كبرياء ؟ - اعتقد انه إيثار - لا يهم ... اي كان هذا فقد دمر حبي .. - لك الآن فرصة استعادتها مجد .. آه .. - أنت تؤذين نفسك .. كفي عن الكلام أيتها الغالية - مجد ، تعلم أني أحببتك يوما بصدق .. أرجوك لا تنسى ميراندا التي تريدك أن تحي بسعادة .. ماتت ميراندا مخلفة فراغا هائلا في نفسي مجد و يمامة .. و لم يستطع كل منهما محو ذكراها من أذهانهما .. مر شهر على وفاتها .. مجد كان في الحديقة في إحدى الأمسيات يراقب غروب شمس يوم آخر .. و إذا بيمامة نازلة درجات المنزل .. بيد حقائب و بالأخرى تحمل الطفلة .. تخطته و تخطت العتبة .. و الصمت مطبق على كليهما .. و لكنها تكلمت فجأة دون أن تستدير : - تعلم أني أحببتك يوما ، و ربما كنت كذلك .. و لكني أحببت ميراندا أيضا .. تلك المخلوقة النقية الطاهرة ، بل هي ملاك من السماء ، لقد ضحت بحياتها لتكون حياة ابنتها ... ابنتي آية و لا داعي لأقول أني سأحيطها بكل الرعاية التي كانت أمها ستحيطها بها .. ميراندا أحبتك مجد .. و لا يمكن لي ، نفسي لا تطاوعني ، خيانة ذكراها ، هل يمكنك أنت خيانة ملاك ؟ ميراندا ، كانت اسما على مسمى ، كانت فعلا "المدهشة" بأخلاقها و تصرفاتها النبيلة الشهمة ، لذا لا يمكن يا مجد أن تفكر في خيانتها أنت أيضا .. اعتبر أنك كنت في حلم جميل أو كابوس مرعب .. كما تشاء .. لا يهم .. فقط استيقظ منه و انسي وجودي ..وداعا . يمامة و آية كانا أغلى مخلوقين بقيا في حياة مجد ، كانا الشمسان اللتان تنيران طريقه . أكملت يمامة طريقها باتجاه ذلك النجم الذهبي اللامع الذي كان يتحول إلى الأحمر تدريجيا ، لم ينطق مجد بكلمة ، كان صمته ابلغ من كل كلام .. كان فقط يشهد غروب ثلاثة شموس و لأول مرة في حياته
أنتهى
تحياتي :سراب روحي
|
|
عنيده واللى براسي اسويه Admin
عدد المساهمات : 362 نقاط : 49958 تاريخ التسجيل : 29/05/2011 العمر : 32
| موضوع: رد: غروب الشمس الأربعاء يونيو 01, 2011 8:43 pm | |
| | |
|